شظايا قلب في يوم عيده - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


شظايا قلب في يوم عيده
أملي القضماني - 24\03\2008

يتألقون حولها في الصباح.. تتمنى أن تعزف لهم أغنية على أوتار خلايا قلبها.. أن تحملهم نجوما على صدرها.. أكليل غار على جبينها، تحمل وجع ظهرها, وتعبها, على أجنحة الانتظار, وتقف خلف النافذة تسترق النظر لخطواتهم المنطلقة نحو الغد, فينتشر عبق النرجس والنعنع والفرح على وسع مدى حبها ويملأ السماء والأرض. كلما خرجوا لمدارسهم, وأعمالهم , تجمع فرحها, واعتزازها صلوات تنثرها علي طريقهم, تزرعهم نرجسا, وحبقا, ونعنعاً أخضر بين سواد عينها وبياضها، وهي تنظر لصورهم المعلقة على الجدار, فتعبق رائحة العطاء والحب في أرجاء المنزل. تتساءل؟!!؟ كيف لقلب بحجم قبضة الكف أن يحبسهم داخله ويحكم ببقائهم في عمقه مدى الدهر... , تشهر خفقات ضحكتها المتحدية الألم, لتعانقهم فيتصاعد عبير الملائكة في أجواء البيت
****
نفثت دخان الشوق, والحزن, وهي تسمع أغنية ست الحبايب، وحملت منديلها تمسح مطرا هطل من سماء عينيها وأطرقت.. تحترم قضاء الله, لكن كل تعاويذ الكون لا يمكنها أسكات صوت متلهف لعناق أمها، خاصة في يوم (عيدها)
*****
جلست قرب التار تراقب أشياء منزلها.. أنها باهتة .. كئيبة.. حزينة.. اتجهت لغرفة أبنها ووقفت أمام أشيائه هجم الشوق لعناقه كشلال مجنون.. رأته يبتسم شعرت بفرح كبير, وزغرد قلبها تشنجاً حزيناً, أدركت أنه مسافر لا يستطع أن يقول لها (كل عام وأنت بخير) يا ست الحبايب .
***
جلست وحيدة تنظر للباب المقفل, لا أحد هنا, كلهم حولها غرباء, دخلت مطبخها لتحضر قهوتها المعتادة, نظرت للمرآة وتأملت وجهها, وجه حزين باهت, وشعر غزاه الشيب, لماذا؟ تسائلت...!!! فتحت النافذة وأخذت ترقب الطريق , لا أحد كلهم غرباء, زوجها لا يستطيع الحضور.. زارته قبل شهرين, أضاءت نور الغرفة تريد رؤيته على ضوء ساطع, هناك في الزنزانة لا ضوء ولا نور, وجه نحيل وجسد منهك, فقط عينان متوثبتان في تحدي وكبرياء. عادت للنافذة هذه النافذة لها قضبان من حديد مثل السجن تماماً, اخترقت عيناها رصاصة من جندي حاقد, شهقت باحثة عنهما, أين هنا؟ أين ولدها؟ أين زوجها؟ رأت عينان تومضان فانكسرت الرصاصة وارتدت على مطلقها, وأبرق جسمها رعداً وانهمر عنفوانها مطراً, صاحت بصوتها المتذبذب فخرا ووجعا, أبنها مناضل... وزوجها أيضاً قضى زهرة شبابه في السجن,,!! نظرت حولها إنهم أهلها, أحباؤها, ناسها. ذهب الغرباء.!! المطر ينهمر وصوت زغاريد عرس تتنطلق. قالت للمارة كلكم أهلي, إبني سيعود فارساً حاملا بين ذراعيه عرس الوطن(الحرية)
******
غابت أصابعها في شعره وظهرت تلك الأصابع متسللة إلى نهار جبينه. الوقت ليلا.. قبلها وطلب رضاها وخرج.. إلى أين؟ نظر إليها وضمَّ حنانها في صدره وإبتسامتها في روحه وخرج.. أخذت تمتم بكلمات من ذكر الله .. عائد يا أماه.. الليل دائما يا أمي يعقبه صباح , قال هذا وخرج.. البسته عباءة من قدس قداس روحها ومن هذيان ايمانها, وقفت في ساحة الليل وأنين الوجع يصمًّ أذنيها.. نظرت للصورة المعلقة على الجدار فسقط بين يديها عيون من نار.. ارتجفت .. أحيانا يختلط الهذيان بالحقيقة لديها... لا مست شجرة صنوبر.. انحنت على جذع سنديانة.. وبين نشوة الاغفاءة على بزوغ سحر.. انتفضت وهي تقطع اللهفة بين حلمها وأستشهاد ولدها على أبواب مدخل النصر.. عزفت لحنا ملتاعا على شلال دم تحول في لحظة حرية في ضلوع الأرض...!!!
*****
كان الفجر.. يناضل للبزوغ وكان شهاب أبى إلا أن يضيء السماء بنور احتراقه....
عقب على المادة

لا توجد تعقيبات حاليا